سبل النجاة من النار:
أ- محبـة الله:
عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: كان صبيّ على ظهر الطريق فمر النبي صلى الله عليه وسلم ومعه ناس، فلما رأت أمُّ الصبي القوم خشيت أن يوطأ ابنها فسعت فحملته فقالت: ابني ابني، قال القوم: يا رسول الله ما كانت هذه لتلقي ابنها في النار، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:((والله لا يلقي الله حبيبه في النار)).رواه الإمام أحمد (3/104), وأبو يعلى (6/397), وابن أبي الدنيا في الأولياء (22), والحاكم في المستدرك (4/195) وقال: "صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه"، ووافقه الذهبي, ورواه الضياء في المختارة (6/34), وصححه الألباني في صحيح الجامع الصغير (6972).
ب- الصيـام لله:
عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:((قال الله تعالى: الصيام جُنّة، يستجن بها من النار)).رواه أحمد (3/396)، وحسّنه الهيثمي في مجمع الزوائد (3/180)، وصححه الألباني في صحيح الجامع (4184).
قال المناوي:"وأصل الجُنة بالضم: الترس، شبّه الصوم به لأنه يحمي الصائم عن الآفات النفسانية في الدنيا وعن العقاب في الأخرى".فيض القدير (4/242).
ج- مخافة الله تعالى والبكاء من خشيته:
قال الله تعالى:((وَلِمَنْ خَافَ مَقَامَ رَبّهِ جَنَّتَانِ))[الرحمن:46].
وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:((لا يلج النار من بكى من خشية الله، حتى يعود اللبن في الضرع، ولا يجتمع على عبدٍ غبارٌ في سبيل الله ودخان جهنم)).رواه الترمذي في فضائل الجهاد، باب: ما جاء في فضل الغبار في سبيل الله (1633)، وصححه الألباني في صحيح سنن الترمذي (1333).
وعن أبي عبس رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:((ما اغبرّت قدما عبدٍ في سبيل الله، فتمسّه النار)).رواه البخاري في الجهاد والسير، باب: من اغبرت قدماه في سبيل الله (2811).
وعن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:((لا يجتمع كافر وقاتله في النار أبداً)). رواه مسلم في الإمارة (1891).
د- الحراسة في سبيل الله:عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول:((عينان لا تمسّهما النار: عينٌ بكت من خشية الله، وعينٌ باتت تحرس في سبيل الله)).رواه الترمذي في فضائل الجهاد، باب: ما جاء في فضل الحرس في سبيل الله (1639)، وصححه الألباني في صحيح سنن الترمذي (1388).
قال المباركفوري:"قوله: ((عينان لا تمسهما النار)) أي: لا تمس صاحبهما، فعبّر بالجزء عن الجملة، وعبّر بالمسّ إشارة إلى امتناع ما فوقه بالأولى، ((عين بكت من خشية الله)) هي مرتبة المجاهدين مع النفس التائبين عن المعصية، ((وعين باتت تحرس)) وهي مرتبة المجاهدين في العبادة، وهي شاملة لأن تكون في الحج أو طلب العلم أو الجهاد أو العبادة، والأظهر أن المراد به الحارس للمجاهدين لحفظهم عن الكفار".تحفة الأحوذي (5/221) باختصار.
هـ- إخلاص التوحيد لله عز وجل:عن عتبان بن مالك رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم(إن الله قد حرّم على النار من قال: لا إله إلا الله يبتغي بذلك وجه الله)). رواه البخاري في الصلاة، باب: المساجد في البيوت (425)، ومسلم في المساجد ومواضع الصلاة، باب: الرخصة في التخلف عن الجماعة (33).
و- حُسْـن الخلـق:عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم(ألا أخبركم بمن يحرم على النار أو بمن تحرم عليه النار، على كل قريبٍ هينٍ سهل)).رواه الترمذي في صفة القيامة (2488). وصححه الألباني في صحيح سنن الترمذي (2022).
قال المناوي:"((قريب)) أي: إلى الناس، سهل يقضي حوائجهم وينقاد للشارع في أمره ونهيه، ((هين)) مخففًا من الهون بفتح الهاء، وهو السكينة والوقار، قال الماوردي:"بيّن بهذا الحديث أن حسن الخلق يدخل صاحبه الجنة ويحرّمه على النار، فإن حسن الخلق عبارة عن كون الإنسان سهل العريكة، لين الجانب، طلق الوجه، قليل النفور، طيب الكلمة".فيض القدير (3/105) بتصرف واختصار.
ز_ وجِماع ذلك كله تقوى الله عز وجل واجتناب معاصيه:
قال الله تعالى:((وَيُنَجّى ٱللَّهُ ٱلَّذِينَ ٱتَّقَوْاْ بِمَفَازَتِهِمْ لاَ يَمَسُّهُمُ ٱلسُّوء وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ))[الزمر:61].
قال الطبري:"وينجي الله من جهنم وعذابها الذين اتقوه بأداء فرائضه، واجتناب معاصيه في الدنيا، بِمَفَازَتِهِمْ: يعني بفوزهم. وقوله: لاَ يَمَسُّهُمُ ٱلسُّوء وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ: لا يمس المتقين من أذى جهنم شيء، وهو السوء الذي أخبر جل ثناؤه أنه لن يمسهم، وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ، يقول: ولا هم يحزنون على ما فاتهم من آراب الدنيا، إذ صاروا إلى كرامة الله ونعيم الجنان".جامع البيان (21/319-320) باختصار.